صيام رمضان.. ليس للمسلمين فقط

أطلّ علينا شهر رمضان الكريم بأريجه العطر، وأجوائه الجميلة، ومظاهر الفرحة والبهجة... وشهر رمضان الفضيل ليس حكرًا على المسلمين فقط،

بل ان الكثيرين من العرب الذين ينتمون لديانات أخرى يتذوقون جماله وتميزه ويشاركون إخوتهم المسلمين في احترام هذا الشهر المقدّس.

والبعض الآخر يشاركون حتى في الصيام وذلك لأسباب عديدة، فقد يكون ذلك ايفاءًا لنذر، أو احترامًا وإكرامًا لأصدقائهم وجيرانهم المسلمين، أو

محاولة لفهم معنى الصيام، أو لفوائده الطبية العديدة، وغيرها.

وقد قمنا في موقع فرفش ببحث موسّع للاطلاع على بعض الحالات التي يصوم فيها غير المسلمين صيام رمضان. وسيكون تقريرنا اليوم هو الجزء

الأول في بلدان غربية خلال رمضان، والذي يتطرّق لصيام غير المسلمين في بلدان غربية خلال رمضان. أما الجزء الثاني والذي سنقدمه لكم قريبًا،

فسيتطرّق لصيام أشخاص عرب من ديانات أخرى غير الإسلامية، ويعيشون في مجتمعات عربية جنبًا إلى جنب مع إخوتهم المسلمين.

الشرطي الأمريكي ديفيس يصوم بعد هجمات 9.11





كان الشرطي الأمريكي "روب ديفيس" يقول دائمًا أنه من المهم جدًا أن يتعرّف الإنسان إلى تقاليد وعادات وديانات الآخرين، ليستطيع أن

يفهمهم... وكان فلسفته أنه كشرطي أمريكي يعيش في دولة يجتمع فيها أشخاص ينتمون لتقاليد مختلفة، عليه أن يدافع عن حق الجميع

ويحميهم ويضمن لهم حياة محترمة ومساواة تامة وحرّية كاملة في ضمن القانون طبعًا.

وبعد هجمات الحادي عشر من أيلول عام 2001، لوحظت في أمريكا موجة من التهجم على المسلمين والكره الأعمى حتى لكلمة "إسلام".

فطلب المسئول عن الشرطي "ديفيس" منه أن يجري بحب الأبحاث واللقاءات مع بعض المسمين في بلدته، سان خوزيه، في كاليفورنيا، وذلك

لمحاولة حل هذه المشكلة. فالتقى الشرطي ديفيس مع الإمام طاهر أنور ليفهم منه مباديء الدين الإسلامي ثم عرض معلوماته لزملائه في

قسم الشرطة، محدثًا إياهم عن سماحة الإسلام دين التسامح والسلام والرقيّ والسموّ. وهكذا ساهم الشرطي ديفيس في تقريب وجهات

النظر، فتمت دعوته من قبل الجالية الإسلامية لإلقاء كلمة في احتفال "عيد الفطر".

وفعلاً قبل ديفيس الدعوة، وتحدث لسنتين متتاليتن أمام جمهور كبير من المسلمين وصل عددهم حوالي عشرة آلاف شخص، وعندما تمت

دعوته لإلقاء كلمته للسنة الثالثة على التوالي، وكان ذلك عام 2004، قرر أن يصوم شهر رمضان بأكمله، في محاولة لفهم أعمق لهذا الصيام

ومباديء الدين الإسلامي الذي يحترمه. وفعلاً صام الشرطي الأمريكي المسيحي "روب ديفيس" الشهر بأكمله، وأكّد للجمهور الغفير الذي

جاء يستمع إليه في احتفال عيد الفطر أنه سعيد جدًا لصيامه، وأن الصيام ساعده على التركيز والتخلّص من الأمور الثانوية غير المهمة. وغطت

وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية هذا الخبر بتوسع وقتها، وشجعت خطة الشرطي بعض الأمريكيين على تجربة صيام رمضان في السنة

التي تلتها.

مآدب الإفطار في الجامعات الأمريكية





كثير من الطلاب المسلمين في الجامعات الأمريكية يلتزمون بصوم شهر رمضان الكريم، ويقيمون مآدب إفطار جماعية يدعون إليها الكثيرين من

الأصدقاء، المسلمين وغير المسلمين. وتقوم المطاعم العربية والعائلات بالتبرع بكميات كبيرة من الأطعمة والحلويات كل ليلة، حيث يحضر بين

50- 60 طالبًا من ديانات مختلفة، لتناول الطعام العربي التقليدي من خلال جلسة جماعية للأصدقاء والضيوف، يتحدّثون فيها عن معنى الصيام

وفوائده.

ويقول الطلاب المسلمون أن هذه المآدب وقت الإفطار شجعت بعض الزملاء غير المسلمين على التعرّف أكثر على الدين الإسلامي، وحتى

على تجربة الصوم أسوةً بالمسلمين. وفي جامعات عديدة تشجع بعض الطلاب المسيحيين واليهود على الصيام لعدة أيام على الأقل خلال

شهر رمضان.

في بريطانيا: صام الجميع يوم 7.11.2002

قبل حوالي 14 عامًا، بدأت الجالية المسلمة في بريطانيا بتنظيم "أسبوع الوعي للإسلام" Islam awareness week، وخلال هذا الأسبوع تقوم

الجالية بنشاطات عديدة لتوعية الجمهور لمباديء وقيم الديانة الإسلامية. وفي عام 2002 قررت الجالية الإسلامية أن تزيد الوعي لشهر رمضان

المبارك. فاختارت أحد أيام الشهر 7.11.2002 وطلبت من جميع المواطنين الانجليز، من مختلف الديانات الصيام خلال هذا اليوم طيلة النهار،

والقيام بتنظيم نشاطات بهدف جمع تبرّعات يتم تقديمها إلى جمعيات خيرية عديدة. وفعلًا قام الكثيرون من البريطانيين بتشجيع الفكرة وتجربة

الصيام وجمع التبرعات للأعمال الخيرية.

صيام الأوروبيين المسيحيين لإظهار تعاطفهم






بعد هجمات 11.9، بدأ بعض الأوروبيين بصيام رمضان، لإظهار تعاطفهم مع المسلمين وتضامنهم معهم ضد حملات الكراهية والحقد التي بدأها

البعض ضد الدين الإسلامي. وتعلن بعض الجامعات الأوروبية والأمريكية أحيانًا عن تحديد يوم معيّن خلال رمضان تطلب فيه من الجميع الصيام

تضامنًا مع المسلمين وسعيًا لفهم معنى الصيام. وكان الطالب المسلم طارق الميسيدي بمعاونة رفاق له قد بدأ بفكرة يوم التضامن هذا في

جامعته، بعد هجمات 11.9، لمساندة الطلاب المسلمين. ولاقت فكرته قبولاً قويًا جدًا وانتشرت إلى جامعات عديدة في أمريكا وأوروبا، حيث

يصوم العديد من الطلاب الأجانب لإظهار تعاطفهم مع المسلمين.

كندا، صيام رمضان لأسباب سياسية!!

شهدت بعض دول العالم في السابق الإعلان عن تخصيص أحد أيام شهر رمضان للصيام لغير المسلمين تعبيرًا عن تأييدهم أو معارضتهم لوضع

سياسي. فقامت مجموعة من معارضي حرب العراق في أمريكا وكندا بتخصيص يوم يصوم فيه الأجانب والمسلمين لإعلان معارضتهم

للحرب.. وكذلك تم إعلان يوم لمعارضة حرب أفغانستان، وقامت مجموعة أخرى من اللبنانيين وأصدقائهم بإعلان أحد أيام شهر رمضان صيامًا

ضد الهجمات على لبنان، وشارك في الصيام الكثير من غير المسلمين تضامنًا مع حق اللبنانيين في العيش بكرامة وسلام وحرية.

في الجزء القادم: صيام عرب غير مسلمين خلال رمضان.


رمضان في امريكا..